اليوم  

  أخبار المكتب

المرأة ودراسة القانون والعمل به: بقلم د. فهد بن حمود العنزي

 الإثنين 20 شعبان 1425 هـ

صحيفة الإقتصادية - العدد 4011

يعد القانون من العلوم الاجتماعية التي تستهوي دراستها شريحة كبيرة من الناس، فهو إضافة إلى أن دراسته إشباع للحاجات الإنسانية المعرفية، فإنه يعد كذلك من العلوم التي لها حضور بارز وفعال في ميادين الحياة المختلفة، ويعد القانون كذلك وسيلة للضبط والتطور الاجتماعي وهو الآداة الأساسية التي يمكن من خلالها تحقيق الغايات والأهداف التي ترسمها الدولة لنفسها، وبالنسبة للملكة فقد استطاعت أن تقدم تجربة متميزة حينما عملت على المواءمة بين الشريعة والأنظمة، واستطاعت أن تطوع القواعد القانونية المختلفة لخدمة الشريعة الإسلامية الغراء وأن تقدم كذلك نموذجًا تعليميًا متميزًا للقانون في إطار الشريعة الإسلامية ومنهجها.

وبالنسبة لدراسة القانون فإنه من المسلم به أنه من أكثر العلوم تأثيرًا في شخصية وسلوك الدارس له ذلك أنه يعني بدراسة السلوك الإنساني وضبطه على إيقاع القواعد القانونية المختلفة، كما أن الإنسان ميال بطبعه لمعرفة ما له وما عليه من حقوق والتزامات، فالقانون يمثل له عامل ضبط واستقرار وأمان.

ومن البديهيات التي يدرسها طالب القانون أنه لا يوجد مجتمع بلا قانون ونحن نعلم كذلك أنه لا يوجد مجتمع من فئة أو شريحة واحدة فقط، بل تتعدد شرائح المجتمع وتتنوع حسب تركيبته الثقافية والتعليمية والبيئية، ومع ذلك فالمرأة هي نصف هذا المجتمع، وهي تمثل كذلك هذا التنوع والتعدد في شرائح المجتمع، والقانون يتوجه بخطابه لجميع أفراد المجتمع فهو لا يفرق بين ذكر وأنثى ولا بين صغير وكبير طالما أنهم مكلفون وقادرون على تحمل الالتزامات واكتساب الحقوق التي يقررها القانون.

وبالنسبة للمرأة، فالقانون يمثل لها مصدر معرفة كبيرة، بل ومنهج تطبيق تترتب عليه فوائد كثيرة سواء بالنسبة لها أو بالنسبة للمجتمع ككل، فالقانون يتعرض في كثير من مجالاته للواجبات والحقوق التي تهم المرأة باعتبارها جزءًا حيويًا وفاعلاً في المجتمع ولا فرق في ذلك بينها وبين الرجل باستثناء ما تقرره القواعد الشرعية في هذا الشأن: كما أن المعرفة القانونية ستقود حتمًا إلى بلورة شخصية المرأة كمواطنة وكأم وزوجة وأخت وابنه ما يعني مساهمتها الإيجابية في بناء المجتمع وتفعيل مشاركتها في التنمية الشاملة وستقود معرفتها القانونية كذلك إلى غرس مقومات الالتزام في محيط أسرتها، فالمرأة هي الحصن الأول الذي يحمي الأسرة ويشكل بناءها ويغرس فيها روح المسؤولية والالتزام.

إن معرفة المرأة بالقانون واستيعاب مفرداته تقود إلى بلورة مجتمع مدرك تتكامل فيه الواجبات والحقوق بين المرأة والرجل ويزداد فيه الوعي بالقضايا ذات الصلة بحقوق المرأة وأسرتها التي حفظتها الشريعة الإسلامية وكفلتها الأنظمة لها، بما في ذلك محاربة العنف الأسري والإيذاء الجسدي والمحافظة على حقوق الطفل وحقها في عدم استغلالها أو استغلال اسمها واستعماله قانونًا لتحقيق منافع مالية أو حتى غير مالية من قبل الغير دون رضاها أو علمها وما إلى ذلك من أمور قد تستغل المرأة فيها باعتبارها مخلوقًا لا يحسن التعامل مع القانون.

إن المعرفة القانونية التي أتحدث عنها لا تتحقق طالما كانت المرأة مغيبة عن دراسة القانون، فالقانون شأنه في ذلك شأن أي مهنة لا بد من دراسته دراسة منهجية وأكاديمية ثم بعد ذلك إتاحة المجال للدارس لتطبيق ما درسه على أرض الواقع، فهذه وحدها تخلق مجالاً للتفاعل بين من يمارس المهنة ومن يهتم أو يستفيد منها، ما يؤدي إلى خلق بيئة من المعرفة القانونية والتفاعل بين العاملات في مجال الاستشارات القانونية، ذلك أن عمل المرأة في مجال الاستشارات القانونية ونشر الوعي القانوني من شأنه أن يخلق جسرًا من التواصل والتفاهم مع بنات جنسها فهن أدرى بمشاكلهن واحتياجاتهن القانونية، وهذا من شأنه كذلك أن يقلل من لجوء المرأة إلى المحامين والمستشارين من الرجال، ما يمكنها من الحصول على المعلومة القانونية التي تهمها بنفسها وبشكل تفاعلي وتستطيع أن تتحاور وتبوح بمشاكلها أو احتياجاتها القانونية مع مستشارتها القانونية، بكل حرية وأريحية بدلاً من أن تحصل على ما تحتاج إليه من معلومات أو دعم قانوني عن طريق وسيط قد يكون غير أمين، أو أنه لا يستطيع أن يتفهم احتياجاتها القانونية لينقلها إلى المستشار القانوني أو ينقل هذه المعلومة لها مبتورة أو حتى مزيفة.

إن القانون طالما اتسم بطابع الذكورية باعتبار أنه لا يسمح للمرأة بدراسة القانون أو العمل فيه، فإنه سيبقى حقلاً مهابًا من جانب المرأة، وسيشكل ذلك لها حاجزًا نفسيًا يقودنا إلى تبني اعتقاد خاطئ بأن القانون ليس له علاقة بالمرأة، ما يبرر للرجل التعدي على حقوقها وقد تعتقد هي أيضًا خاطئة أنها مخلوق لا يعني القانون به، ما يقود إلى عدم قدرتها على أداء رسالتها الاجتماعية والتربوية على اعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه.

 

| نبــذة | المؤسـس | إختصـاصاتنا | أخبـارنا |  المحـامون | العمـلاء الإتصـال بنا |

Home

 

إنضم للقائمة البريدية

لتصلك نشرتنا الإخبارية، ضع بريدك الإكتروني

إلغاء إشتراك من القائمة

©" 2002-2005 أحمد زكي يماني محامون و مستشارون قانونيون", جمع الحقوق محفوظة.